قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
الثمرات الجنية شرح المنظومة البيقونية
35094 مشاهدة
الحديث المعنعن والمؤنن

مُعنْعنٌ كَعنْ سعيدٍ عنْ كَرَم وَمبْهَمٌ مَا فِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسم
الحديث المعنعن والمؤنَّن:
قوله:
(معنعن كعن سعيد عن كرم...).


الحديث الذي يتسلسل بكلمة عن فلان عن فلان، والعنعنة يستعملونها إما للاختصار وإما لعدم التثبت من سماعه عن ذلك الشيخ، كأن يرويه عنه بواسطة أو ما أشبه ذلك، ويجوز للمتأخر أن يروي الحديث بعن، فيجوز لك أن تقول: عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: بادروا بالأعمال ستًّا... مع أن بينك وبين أبي هريرة مئات السنين، فإذا قال الراوي عن فليس متحققا أنه لقيه أو أنه سمعه منه، فقد يقول أبو بكر بن أبي شيبة عن شعبة وهو قد لقيه، وقد يقول مثلا سفيان بن عيينة عن الزهري وهو قد لقيه فيعنعن، وقد يكون الشيخ روى عن شيخه بالتحديث، وعن شيخ شيخه بالعنعنة، ويفعل ذلك كثير من العلماء، وقد يكون الإسناد كله معنعنا، فغالب أول مصنف عبد الرزاق رواه تلميذه عنه بالعنعنة مع ذكره لاسمه فيكتب: عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، فيجعله كله معنعنا، مع أن عبد الرزاق قد روى عن مشايخه بالتحديث أو بالإخبار أو بالسماع، ومع ذلك يذكره بالعنعنة، ولعلّ ذلك من باب الاختصار والعنعنة إذا جاءت في الحديث فإنها تكون دون التحديث بمراتب؛ لأنها ليست دالة على الاتصال، إلا إذا حملنا ذلك الراوي على حسن الظن.
واختار الإمام مسلم -رحمه الله- أن الحديث المعنعن يقبل مطلقا ويحمل على الاتصال بشرط:
1- أن يكون المعنعن ليس مدلسا.
2- وأن يكون معاصرا لمن روى عنه يمكن أنه لقيه .
فإن كان المعنعن مدلسا فلا يقبل إلا إذا صرح بالتحديث، فمثلا من المدلسين ابن إسحاق صاحب السيرة، نجد عنده أحاديث كثيرة تارة يذكرها بصيغة العنعنة، وتارة بالتحديث، فتارة يقول: حدَّثنا عاصم بن عمر وتارة يقول: عن عاصم بدون حدَّثنا، فيقبل ما صرح فيه بالتحديث دون ما لم يصرح فيه بالتحديث؛ مخافة أن يكون قد أسقط شيخه.
والضعيف المدلس هو الذي يسقط شيخه، ويروي الحديث بالعنعنة عن شيخ شيخه الذي قد لقيه، لكنه لم يسمع منه ذلك الحديث، والمؤَنَّن أيضا ألحقوه بالمعنعن، لكن الغالب أن المُؤَنَّن لا يقتصر فيه على كلمة أن بل لا بد أن يُضاف إليها كلمة أخرى، فإن أضيف إليها ما يدل على السماع فهو متصل، وإن أضيف إليها ما لم يدل على السماع فلا، فإذا قال مثلا: حدثنا عبد الله بن لهيعة أن جابرا الجعفي قال: حدثني أنس؛ فمثل هذا أن جابرا قال. وكلمة أن هو المُؤَنَّن، ولكن أضاف إليها قال وكلمة قال لا تدل على الاتصال فيتوقف فيه؛ لأن ابن لهيعة قيل: إنه مدلس، وأما إذا أضاف إليها كلمة صريحة فيقبل، كأن يقول: حدثنا ابن لهيعة أن جابرا الجعفي حدثه، فكلمة أن اقترنت بها حدَّثه أو أخبره أو سمعه يقول أو ما أشبه ذلك، فيزول بذلك خوف الانقطاع.
الحديث المبهم
قوله
(ومبهمٌ ما فيه راوٍ لم يُسم).

أي: لم يصرح باسمه، كأن يقول مثلا عن ابن لهيعة عن رجل، عن قتادة، فقوله: عن رجل هذا مبهم لا يُدرى من هو، وقد لا يذكره باسم رجل، كأن يقول: عمن أخبره، أو عمن سمع جابرا.
فهذا الذي سمع جابرا مبهم، وقد يكون الإبهام لعدد، كأن يقول: عن عدة من مشايخنا، أو من أصحابنا، فهؤلاء العدة مبهمون، وقد يكون الإبهام مع نوع من التعيين، كأن يقول: عن عمه أو عن أخيه، وله عدة أعمام وله عدة إخوة، أو أخوه مجهول لا يُدرى من هو ولا يُدرى ما اسمه، فيكون هذا مبهما فالمبهم هو الذي فيه رجل لم يسم، وهو يدل على ضعفه، فيُرد الحديث الذي فيه راوٍ مجهول، وقد يسمى ومع ذلك يبقى على جهالته، وقد يسمى ولكن لا يقال فيه كلام ولا يذكره أحد، ولا يترجم له ولا يدري ما حاله وما روايته وما ثقته، وهو مع ذلك مسمى، بأن يقول مثلا: حدثني زهير أو يزيد، وقد يقول مثلا: يزيد بن بزيع، ولكن من هو يزيد هل هو ثقة أو ضعيف، لا ندري ، لم يتكلم فيه أحد، فيتوقف في رواية هذا المجهول.
المجهول وأقسامه:
ويقسم المجهول إلى قسمين:
1- مجهول الحال.
2- ومجهول العين.
فمجهول العين هو: أن لا يُعْرَف بعينه ولا يُدْرَى ما اسمه.
 وأما مجهول الحال فهو: الذي يسمى ويرويه عنه اثنان، ولكن لا يُرْوَى شيء من أخباره، ولا ينقل هل هو صدوق أو كذوب، أو ثقة أو ضعيف، روى عنه فلان وفلان ولكن ما وثق، فيسمى مجهول الحال، وقد يسمى مستورا.
الفرق بين المبهم والمجهول:
والفرق بين المبهم والمجهول أن المجهول أخص؛ لأنه قد يكون مسمى ومجهولا، قد يُقال: عن أُمه، وأُمه مجهولة، وقد يُقال عن أخيه، وأما إن قيل: عن رجل، أو عن من سمع، فهذا يسمى مبهما، فالمبهم هو الذي لا يذكر بما يميزه، وأما إذا قال: عن أخيه أو عن أمه وهي مجهولة، أو أخته أو عمه، أو ما أشبه ذلك فهذا يسمى مجهولا وليس بمبهم.